مرحباً بكم في صفحة وزارة الخارجية الألمانية

سفير ألمانيا في الإمارات يكتب في مدح الكتب

مقال

دكتور ايكهارد لوبكيماير سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة
في مديح الكتب

في كل عام تستضيف أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة ككل العديد من معارض الاستيراد الدولي، حيث تعكس هذه المعارض طموح البلاد وزيادة دورها كمركز عالمي وإقليمي للتدفق العبار للحدود للسلع والخدمات والشعوب والأفكار.
من حيث عدد المشاركين والوزن التجاري، فإن فعاليات مثل معرض أبو ظبي الدولي للكتاب أو معرض الشارقة الدولي للكتاب تتضاءل بالمقارنة مع المعارض الأكبر ذات الصلة التجارية . ومع ذلك، فأن هذا لا يجعلها أقل أهمية. بل على العكس تماما.
لقد عرف الشيخ زايد، الأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة، لماذا: "إن الثروة الحقيقية لأية أمة متقدمة تكمن في شعبها، وخصوصا المثقفين منه، وأن ازدهار ونجاح الشعوب يقاس بمستوى تعليمهم."
عندما يتعلق الأمر بالتعليم، تعتبر الكتب الوجه الآخر للعملة. في مسار التاريخ البشري، لطالما كانت الكتب أحدى أهم الوسائل لتعزيز ونشر المعرفة والمهارات، وحرية الفكر والتعبير.
وفقا لقاموس أكسفورد، فالكتاب هو "عمل مكتوب أو مطبوع يتكون من صفحات يتم لصقها أو خيطها معا على جنب واحد وملزمة في الأغطية". التعريف الحاسم هنا هو كلمة "مطبوع". فالكتب قديمة جدا ولكن لطالما كانت يجب أن تكتب بخط اليد وتنتج بأعداد قليلة جدا، ونتيجة لذلك، كانت القراءة والكتابة حكرا على قلة قلية من المحظوظين الأقوياء.
الكتب كما نعرفها ولدت في ألمانيا في القرن الخامس عشر عندما اخترع يوهانس غوتنبرغ مطبعة باستخدام الحروف المعدنية المنقولة. فبين عشية وضحاها تقريباً وعلى جهاز واحد كان بالإمكان إنتاج النصوص بأعداد كبيرة جداً. وفقا لمعايير القرون الوسطى، فإن هذا الأمر كان ثورة مماثلة فقط لتأثير الإنترنت على عالم اليوم.


بالتزامن مع انتشار الأمية، مكنت الكتب المطبوعة الأفراد من الوصول إلى المعرفة والأفكار أكثر من أي وقت مضى، حيث كان لهذا تأثير تحفيز هائل في مجال العلم والتكنولوجيا وأصبح عدد الموهوبين القادرين على دفع حدود المعرفة أكبر و نشر هذه المعارف أسهل، حيث أضحى ما يعرف بالوضع "المربح-المربح" الذي دفع التقدم منذ ذلك الحين.


ينطبق هذا على التقدم الاجتماعي أيضاً، حيث أن عملية الانتقال بالمعرفة إلى الفرد قد سرعة كثيرا عملية محو الأمية والتعليم الشامل، وكلاهما أصبح ممكنا وإلى حد ما لا مفر منه كعمل الطباعة المصورة الذي احتل مكان المنتجات المطبوعة.
ومع ذلك، فإن الطبيعة الثورية للقراءة وكتابة الكتب تذهب أبعد من ذلك بكثير، فرواية القصص مثلاً هي هواية قديمة قدم البشرية تلمس قلوبنا وتتناول أسئلة وجودية تصيب الحبال العاطفية لدينا وتجعل خيالنا يذهب إلى ابعد الحدود، حيث انتشرت رواية القصص وازدهرت عبر الطرق الكلامية "اللفظية" وذلك قبل وجود الصحافة والطباعة. مع بدء طباعة الكتب، أصبح من الممتع سهولة استنساخ الكتب والوصول إليها. وهكذا ولد ما يعرف بأدب العصر الحديث.
ومن ثم هناك متعة القراءة، سواء كان الآباء يقرؤون لأطفالهم أو أي شخص بالغ يقرأ للآخر: فإن وضعية الجلوس سوية والإنصات بإمكانها أن تنشئ اتحادا جميلاً ممتعاً بين الأشخاص المعنيين، لا يمكن إلا لوضعية "أنا وكتابي فقط" أن تكون أكثر متعة، حيث أن غمر نفسك في كتاب من شأنه أن يجدد عقلك ويعيد شحن بطارياتك.


خاصة في عالم سريع التغير فإن قراءة أو حتى- أكثر من ذلك - تأليف كتاب تتطلب التركيز والانضباط من الصعب توفرها في عالم " الأونلاين 24/7 " الذي يقدم إلهاء متواصل وإرضاء فوري. لذلك، فقد تكون الحاجة إلى التركيز والانضباط كعوامل للتقدم العلمي والتماسك الاجتماعي أكبر من أي وقت مضى، ومن هنا فإن التشجيع على القراءة والكتابة هي وسيلة أساسية لتحقيق هذه الغاية. ولهذا لا يهم إذا كان الكتاب مطبوعاً أو إلكترونياً.
فقط بالنسبة للبعض، مثل كاتب هذه السطور، فإن الكتب المطبوعة شكلت رفيقاً مدى الحياة، حيث أني نموت فكريا وعاطفيا كبرت في العمر معها. ولا يزال حفظ الكتب مخزنة على الرفوف في المنزل وليس مخزنة في "غيوم غير مرئية" يحدث فرق بالنسبة لي. وهكذا هو حال حمل الكتاب في يدي وتقليب صفحاته بأصابعي.


ربما حتى الشاب الذي كبر مع الكتب الإلكترونية سوف يستطيع أن يقدر التجربة الحسية للكتب المطبوعة. وفي المقابل، أولئك منا الذين اعتادوا على الأعمال المطبوعة سوف يعترفوا بسهولة الطبيعة المفيدة للإنترنت. إن جعل الكتب متوفرة في جميع أنحاء العالم وفي "نقرة" واحدة يمثل ثورة في نشر المعرفة والأفكار تماماً كما كان حال للصحافة والطباعة في وقتها.
وفي كلا الحالتين، أكانت مطبوعة أو إلكترونية، فإن الكتب مستمرة بالازدهار وكذلك القراءة. إن دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم في "عام القراءة" هذا بالتشجيع على الأمرين على حد سواء من خلال معارض الكتب كمثل المعرض الذي تم افتتاحه في أبو ظبي اليوم / هذا الأسبوع.

سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور ايكهارد لوبكيماير

المحتويات ذات الصلة

إلى أعلى الصفحة