مرحباً بكم في صفحة وزارة الخارجية الألمانية

كيف تتعامل ألمانيا مع العنصرية؟ سؤال وجواب مع تياجي سيو مؤسسة شبكة "دبلوماسيين ملونين" في وزارة الخارجية الألمانية

Portrait photo of Tiaji Sio, Founder of Diplomats of Color

Portrait photo of Tiaji Sio, Founder of "Diplomats of Color", © Tiaji Sio

مقال

أجرى المركزالألماني للإعلام بإفريقيا حواراً مع الدبلوماسية الأفرو-ألمانية تياجي سيو حول سبب تأسيسها شبكة "دبلوماسيين ملونين"، ووجهة نظرها فيما يتعلق بجهود ألمانيا للتصدي للعنصرية.

متى أسست شبكة دبلوماسيين ملونين، وما الذي دفعك في البداية للقيام بذلك؟

بعد الانضمام إلى العمل في السلك الدبلوماسي أدركت أن مجتمعنا يؤيد صورة محددة لمن يمكنه وينبغي أن يكون ممثلاً لألمانيا. بصفتي دبلوماسية شابة سوداء وألمانية لم أكن أتوافق مع هذا التوقع المجتمعي وقد واجهت التمييز في الخارج وكذلك في ألمانيا. هذا جعلني في البداية أتساءل عن قراري بالانضمام إلى السلك الدبلوماسي، لكنني سرعان ما أدركت أن مواجهة هذه الأفكار المسبقة ضروري لتمثيل جميع طوائف المجتمع الألماني بشكل مناسب في المؤسسات الحكومية. نتيجة لذلك قمت بالتعاون مع مجموعة من الأشخاص الملونين الآخرين الذين يعملون في وزارة الخارجية الألمانية بتأسيس شبكة "دبلوماسيين ملونين" Diplomats of Color في منتصف عام 2019. في البداية أردنا فقط العثور على زملاء متشابهين في التفكير ومشاركة تجاربنا مع بعضنا البعض. لكننا قررنا أن التغييرات المؤسسية ضرورية لمعالجة الأنماط المنهجية لعدم المساواة. نطمح إلى تحويل التجارب المحبطة للعنصرية والتمييز إلى قوة تغيير وتمكين. لقد كان تفانينا مصدر إلهام لكثيرين آخرين للتحدث عن أنفسهم وحفز المزيد من السود والسكان الأصليين والأشخاص الملونين للتقدم لوظائف في الإدارة الألمانية. الآن نعمل بنشاط على زيادة الوعي بالتنوع والشمول ونعمل على تضخيم أصوات الأشخاص المهمشين. نهدف من خلال استخدام خبراتنا المشتركة إلى التغلب على تحديات مجتمع يرفض التغيير. يجب احترام تضمين وجهات نظر مختلفة والاستفادة من مهارات مجموعة متنوعة من السكان ميزة وليست عقبة: يساهم الأشخاص ذوو المهارات اللغوية المختلفة وفهم الثقافات المختلفة في إثراء الخدمة الخارجية. يجعلنا التنوع أقوى ويسمح لنا بالتعاطى مع التحديات المعقدة للقرن الحادي والعشرين بشكل أكثر فعالية.

.

ألمانيا هي واحدة من العديد من الدول الأوروبية التي تكافح من أجل التصدي لآفة العنصرية. من الصعب عبر النظر من الخارج رؤية ما يتم فعله بالضبط لتعزيز المزيد من التسامح. من وجهة نظرك، ما هي الخطط أو السياسات المعمول بها حالياً؟

في عام 2006 نفذت ألمانيا قانونًا لمكافحة التمييز يحظر بجلاء التمييز على أساس العرق أو الأصل العرقي أو الجنس أو الدين أو الإعاقة أو السن أو التوجه الجنساني. يوجد داخل المؤسسات الإدارية للحكومة الألمانية موظفون معنيون بالمساواة بين الجنسين مسئولون عن ضمان المساواة بين الرجل والمرأة. أوجدت وزارة الخارجية الألمانية مؤخراً منصبين جديدين لضمان التنوع والشمول: منصب من أجل تكافؤ الفرص وأمين مظالم للزملاء العاملين المحليين. هذا يعترف بالتنوع المتزايد في كل من مقر الوزارة الرئيس وفي 227 بعثات ألمانية حول العالم. ليس لدينا حتى الآن استراتيجية تنوع مؤسسي، ولكن يتم تشجيع الألمان ذوي الأصول المختلفة علناً على التقدم للانضمام إلى السلك الدبلوماسي. في 16 نوفمبر / تشرين الثاني نظمت شبكة الدبلوماسيين الملونين والمتدربين في الأكاديمية الدبلوماسية تحدياً عالمياً بالفيديو والصور، تم نشره على قنوات التواصل الاجتماعي التابعة لوزارة الخارجية الألمانية.

بدأت المناقشات داخل وزارتنا حول التغلب على العنصرية البنيوية في كل من المجتمع وعلى جميع مستويات الإدارة في الاتضاح. ولاسيما حركة "حياة السود مهمة" Black Lives Matter في ألمانيا التي اكتسبت زخمًا في وقت سابق من هذا العام. واحتج الآلاف ضد الإرهاب اليميني والعنف العنصري. في ألمانيا ، الهجمات الإرهابية التي قامت بها جماعة الأشتراكيون الوطنيون تحت الأرض ، ومقتل Oury Diallo أثناء احتجازه لدى الشرطة، وجرائم القتل الإرهابية في هانا ، والاغتيال السياسي اليميني لأحد السياسيين في كاسل ، والهجوم على الكنيس في هاله - هذه هي الحالات المعروفة الأكثر انتشارًا للإرهاب اليميني المتطرف في ألمانيا. غالبية الناس، باستثناء أولئك الذين يتبعون الأحزاب السياسية المتطرفة، يطالبون بسياسات لإنهاء العنف التمييزي بشكل فعال. والخطوة الأولى هي محاربة العنصرية والتمييز المؤسسي.

وزير الخارجية الألمانية  هايكو ماس هو أحد أكثر السياسيين صراحة عندما يتعلق الأمر بمكافحة العنصرية. في مقابلة أجريت معه مؤخرًا قال: "الجملة 'نحن أكثر' "تسري فقط عندما لا يتحدث أحد عن مرتكبي الجرائم  باعتبارهم فرادى. عندما نعترف بوجود العنصرية البنيوية في ألمانيا، وعندما ندرك أن الخطر الأكبر على بلدنا هو الإرهاب اليميني. نحن أكثر، إذا رفعنا جميعاً أصواتنا ".

من المهم أن يندد الأشخاص في المناصب القيادية بالعنصرية والتمييز علانية. والأهم من ذلك أننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة ووضع نظام مبني على هياكل مناهضة للعنصرية وإيجاد لغة شاملة ونهج شامل لمناهضة التمييز في جميع جوانب سياستنا العامة والخارجية.

إحدى الطرق التي تعمل بها شبكة دبلوماسيين ملونين لتحقيق هذا الهدف هي طرح أسئلة استقصائية: ما هي الطريقة التي يدعم بها إرث وعواقب الاستعمار هياكل السلطة التمييزية؟ نود من وزارة الخارجية الألمانية أن تلقي نظرة على ماضيها المؤسسي. لقد بحث المؤرخون في دور الوزارة خلال النظام النازي. نحن نشجع أيضًا على النظر في دور وزارة الخارجية خلال الماضي الاستعماري لألمانيا.

ما الذي تعتقد أنه يمكن القيام به أكثر من ذلك لتشجيع مناهضة العنصرية في ألمانيا، خاصة على مستوى المؤسسات؟

بوصفي موظفة مدنية شغوفة بعملي أعتقد بقوة أن زيادة الوعي بالتنوع والشمول ليست سوى خطوة أولى في رحلتنا للعمل بشكل أساسي على تحويل هياكل السلطة الأساسية التي تستثني أجزاء من مجتمعنا من الوصول إلى الحكومة والمناصب الرفيعة الأخرى. على الرغم من أننا بدأنا في عرض سياسات لزيادة التنوع والشمول، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به. يشكل إطار العمل المؤسسي المناهض للعنصرية والقوى العاملة المتنوعة في كل من ألمانيا وأوروبا الأساس لتنفيذ أجندة شاملة للسياسة الخارجية. يمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء شبكات متنوعة عبر الحكومة الألمانية وتعيين موظفين مختصين بتكافؤ الفرص في الوزارات. يمكننا توسيع مبادرات التوظيف وتقليل التحيز اللاواعي في عمليات الاختيار والتأكد من أن تنوع مجتمعنا يصبح مرئيًا في المناصب العامة، وخاصة في المناصب القيادية. إن شعار الاتحاد الأوروبي "الوحدة في التنوع" لا ينطبق فقط عبر الحدود، ولكن أيضًا داخل البلدان.

أنتِ من المدافعين عن التنوع والشمول. ما هي النصيحة التي يمكنك أن تعطيها للشباب الألمان الذين يريدون أن يسيروا على نهجك في مواجهة العنصرية والتمييز؟

أود أن أنصح الشباب الآخرين الذين يتطلعون إلى إحداث فوارق بثلاثة أشياء: كن شجاعًا وأوجد لنفسك حلفاء ولا تجعل الأشخاص الذين يحاولون تشويه سمعتك يثبطون عزيمتك. أعلم من خلال التجربة أن الهياكل الهيراركية والصلبة لإدارة الحكومة الألمانية لا توفر الأرض الأكثر خصوبة للأفكار المبتكرة وحل المشكلات بشكل فعال. ولهذا فوجئت بشكل إيجابي بالانفتاح الذي تعامل به كبار المسئولين وصانعي السياسات معانا ورحبوا بأفكارنا لزيادة التمثيل والشمول. يوضح هذا أن التغيير التحويلي ليس سهلاً أبدًا، ولكنه ممكن بالفعل. يتطلب الأمر شخصيات شجاعة ومؤثرة، باستطاعتهم خوض التحدي المتمثل في تمهيد الطريق للجيل القادم من الشباب.

ماذا يعني بالنسبة لكِ أن تكوني أفرو- ألمانية لا سيما كامرأة وفي بلد متنوع مثل ألمانيا؟

أنا ابنة أب ليبيري وأم غينية ألمانية. فر والدي من وطنه الذي انهكته الحرب ولجأ إلى غانا، حيث حصل على منحة دراسية من الأمم المتحدة للالتحاق بالجامعة. نشأت والدتي كامرأة ذات بشرة سوداء في ألمانيا الشرقية خلال فترة الانقسام الألماني والحرب الباردة. علمني والداي منذ صغري أنه من خلال التفاني والمرونة والعمل الجاد يمكنني تحدي الصعاب والتغلب على القيود التي بدت مستعصية. كوني أفرو- ألمانية يعني لي المثابرة في مجتمع لم يقبل وجودي بعد واعتبار تفردي ميزة لإحداث فوارق في العالم. تتمثل مهمتي في تحدي فكرة ما يعنيه أن تكون ألمانيًا وإثبات أن كونك أسود وكونك ألمانيًا لا يتعارض مع بعضهما البعض. في الوقت نفسه أعتقد أن ظهور مبادرات مثل شبكة دبلوماسيين ملونينDiplomats of Color لديها القدرة على تغيير فكرة من يجب أن يشكل السياسة الخارجية وكيف ينبغي القيام بها.

إلى أعلى الصفحة